السبت، يناير 05، 2013

قصة قصيرة



**** الفصل الأول ****


هناك الظلام يرمي بخيوطه على أرجاء المدينة، بينما النور قد شاع في طرقاتها الواسعة بين مبانيها الجميلة. يبعث ذلك النور مظهر من مظاهر الحضارة.. هي الانارات التي قد شيدت لهذا الغرض. وبينما ضجة النهار بدأت تتلاشى ببطء فيما عدا بعض الخطوات الرنانة لرجال الأمن و بعض المارة، .يأتي ضجيج محرك سياره يبدو عليها الفخامة.  بداخل هذه السيارة، رجل اقصاه التعب، وقد أمسك بيده الهاتف يحاول الإتصال بشخصٍ ما.


رمى بنفسه إلى الخلف متحدثـًا إلى الطرف الآخر على الهاتف:
"لا تحاول تغيير مجرى الحديث" .. "ماذا؟! أنا؟!" .. "حسنـًا حسنـًا، لن أطيل، سآتيك حالاً"

ثم وجه حديثه إلى سائق السيارة: توجه إلى تلك الحارة ثانية.

وبدت على وجهه إمارات التعب ممزوجة ً بإحساسٍ مزعج، و أخذ يفكر و يتمتم ببعض الكلمات بينما تابع السائق طريقه دون أن يهتم لذلك. و حين وصلت السيارة غايتها، صاح السائق: ها قد وصلنا.

قالها و لكأنه يأتي هذا المكان مرارًا و تكرارًا، واتبع ذلك: ليس هناك داع للمجادلة، فهي لا تجدي.. ليكن التوفيق حليفك.

فرد "نبيه": لك ذلك... ادع لي!!

وترجل من السيارة محاولاً أن يبدو نشطـاً و توجه إلى البيت الذي وقفت السيارة بجانبه، طرق الباب ثلاثًا دون أن يسمع إجابه. انتظر برهة.. ملّ الانتظار، وتردد أن يطرقه ثانية. أخذ يفكر، رجع إلى السيارة...وبدى الاستغراب على وجه سائقه "شاكر"، فبادره "نبيه" بابتسامة ازالها التعب وقال: تغيير الإسلوب دائماً !

تناول "نبيه" هاتفه وقال: سأحاول أن اتصل لأؤكد اني أتيت.

صوت مجيب الهاتف قطع حديثه.. ألو.. نعم آه أنا.. هلاّ فتحت الباب؟! نعم أنا.. ارجوك؟!؟ نعم.. حسنًا انا آتٍ.

وقال للسائق: يبدو أن هذه المرة مختلفة تمامًا، يمكنك الذهاب، سأستقل سيارة أجره للعوده إلى لمنزل. فوافقه السائق و توجه "نبيه" إلى باب البيت مرة اخرى، طرقه مرة واحده فإذا بامرأة قد بلغ جمالها ما يعجز اللسان عن وصفه و لم تكن تضع زينة على وجهها و لم تكن مرتديةً الجواهر والحلي على جيدها أو يدها... قالت متصنعة الضجر و عدم الرضا: تفضل...



*** الفصل الثاني ***



بينما كان السائق "شاكر" آخذًا بالتفكير اثناء عودته إلى القصر كانت زوجته تنتظره بفارغ الصبر، و لم يكن بذلك ليخطر على باله حتى رآها عند بوابة القصر.

زوجتي العزيزة، كيف حالك؟ لِمَ أنتِ بالخارج؟! قالها و هو في غاية الاستغراب. فما كان من الزوجة إلا أن نظرت إلى ساعتها كأنها تحدثه بتأخيره.

فتأسف لها وقال: اجل اجل، انا اعترف بذلك.. ولكن سبب قويًٌ دفعني للتأخير. إن السيد قد تشاجر مع زوجته كما يبدو وقد اوصلته إلى بيتها. هزت الزوجة رأسها تبين تفهمها لذلك وقالت: إن تلك المرأة لا تستحق كل هذا الإهتمام، فهي من طبقة أقل اجتماعيًا بكثير من طبقة سيدنا.

فرد "شاكر": لا يجوز لنا ان نتكلم عن غيرنا.

فسالته: لماذا؟! اهو محظور علينا ان نبدي رأينا ايضًا؟!!

فاجابها: لا تنسي انها زوجة السيد الذي اعمل لديه!!

قالت: اجل اجل.. السيد ذو الاخلاق الكريمة المتسامج الـ ......

قاطعها قائلاً: لا أسمح لك ان تستهزي به، فهو صديقي!

فاحتد النقاش بينهما وقالت: نعم نعم.. صديقك!! أي صديق يرضى لصديقه أن يعمل سائقًا عنده؟!

فقال بحزم: كفى!! 

أوَلا يكفي أن انتشلني من وضع لا أحسد عليه؟؟ كفلني من الشرطة، وَ دفع لي ديوني وَ أوجد لي عملاً وَ منزلاً! أفلا يكفي كل هذا؟!

صمتت الزوجة و لم تستطع أن تتفوه بشيء.
فقال بحنان وهدوء: كفى يا زوجتي..
واخذ بيدها قائلا: هيا إلى المنزل.. فليس هناك داع أن نختلف و نتشاجر ..هيا.



**** الفصل الثالث ****



دخل "نبيه" إلى ذلك البيت المتواضع و قد تجاهل تلك النبرة التي تعبر عن الاستياء.

اقفلت الباب من ورائه، وتقدمته إلى صالون المنزل و لم ينتظر أن تجامله بالجلوس...

سألها: هل لي أن اعرف السبب هذه المرة!

فاجابته: أوتدعي أنك لا تعرف؟!

استغرب "نبيه" والتعب لا يساعده على ابداء انفعالاته: ماذا؟ هـ......

قاطعت: حسنًا حسنًا.. ربما مشاغلك أنستك كما أنستك إياني...

تبسم "نبيه" مغمض ٍ عينيه و طأطأ برأسه إلى الارض، حاول ان يتغلب على تعبه رافعًا راسه اليها...

سيدتي الحبيبة، نور عيني، ملهمتي، يا من افتديها بروحي..  وقاطعته بلغة الغضب: لا داعي لكل ذلك.. فما انا بحاجة له!!

ذهل "نبيه" حتى انه بدا كالأصم .. تماسك وقال: ولم انت غاضبة؟!

ولمن ساقول هذا إن لم يكن لك انت حبيبتي؟!

فزفرت تعلن عن استهزائها وغيرتها: إلى زوجتك طبعًا.

فقال: نعم إلى زوجتي.. إليك يا فراشتي.

فقالت: الا زلت تظنني حمقاء؟! قصدت زوجتك الثانية بالطبع!!

فقال: أو اترك هذا الجمال؟!

قالت: إلى الاجمل طبعا!!

- وهل اجمل منكِ؟

- أنتَ من يقول ذلك!! فبما امتازت هي عني؟!

- هي؟! تعقلي يا امرأتي.

- أو تنعتني بالمجنونة؟؟!

حاول ان يهدأ لتهدأ بدورها وسألها: هل قلت ذلك؟ يا امرأه، دعي عنك هذه السخافة! هلمي معي ولا تظنني ساترك بحاراً تجلت في مقلتيك...

قالت وهي محتارة غير واثقة من زوجها: ربما الى عيونٍ عسلية!؟

فقال مستنكرا: واشتت عائلتي فيضيع اولادي....

اخذت تفكر وقالت: اجل، انك تبحث عمن يربي اولادك، و يرعاهم و لم تأت بحثًا عني!!

فقال: لست املك وقتي.. فهل ستأتين معي ام لا؟ وقد بدا تعبًا حازمًا ضجرًا من هذا الموقف.

قالت: لن آتِ.

قال: لا تحسبيني سأرجع لك بهدية كما كنت افعل سابقًا، واتوسلك ان ترجعي معي، كلا، فاما ان تاتين معي اللحظة او انك ستتكبدين المشقة و ترجعين لوحدك!!

ما اهتمت لذلك و ادارت له ظهرها.

احتقن دم الرجل بوجهه و خرج مسرعًا من البيت.. ولسوء حظه لم يكن باستطاعته ان يجد سيارة اجره في تلك الحاره المتواضعه.

اخذ يمشي متثاقلاً و قد استنفذ العمل كل طاقته. كان ينظر الى النجوم والقمر بين الفينة والاخرى، كانت نسمات الربيع الباردة تلفح وجهه و تداعبه احياناً. ولكن ذلك لم يكن ذا اهمية مقارنة بما هو فيه.

أخذ يفكر فيما سيفعل تجاه زوجته وغيرتها القاتلة، اتته الذكريات التي عاشها في اوج شبابه، كيف بدا حياته وارتقى الى هذا المنصب وكيف ان زميل دراسته غدا سائقا لديه... كيف ان القدر جعله يتزوج من فتاة أمية لا تعرف القراءة والكتابة، كيف ان حياته التي بداها بالنجاح بدأت تنهار...



**** الفصل الرابع ****



كانت الزوجة تحاول ارضاء زوجها ونيل السماح لما تقوله عن صديقه زوجها و وجته، و"شاكر" يحاول تهدأتها و طمأنتها بان كل شي على ما يرام وانها تفهمت الموقف تماماً.



قالت الزوجة: ألا يجدر بك ان تذهب و تنتظر صديقك.. فتلك الحارة الفقيرة لا تمر بها سيارة اجرة واحدة!! ونحن بفصل الربيع، و بهذه الليالي يبرد الجو ليلاً و اظن صديقك قد تلحف مايقيه برد الربيع.. هيا اذهب و كن الى جانبه هيا...

وبعد ان تأكد السائق من تفهم زوجته للموقف قال: حسنًا يا حبيبة روحي.. سأذهب حالاً.



**** الفصل الخامس ****



كانت قسمات وجهه كأنها التعب قد جسّد انسانًا، يمشي بين تلك الشوارع المؤدية الى المدينة، والصمت كان سيد المكان. كانت الانارة شبه معدومة... وتهيأ اللصوصو تشجعهم على السرقة في تلك الاحياء.

بينما كان "نبيه" يمشي، لحظ سيارة مسرعة قادمة نحوه، لم يكن بوسعه ان يبتعد عنها  لتعبه الشديد، فحاول ان يلوح لسائقها عله ينتبه فيغير وجهة السيارة.
فإذا بتلك السيارة تتوقف بجانبه مصدرة ضجيجا قويا.. تخوف "نبيه" مما قد يحدث، فاخرج محفظته وقال: لك كل ما في المحفظة ولكن دعني وشأني.. نزل من السيارة رجلٌ قد اخفت ملامحة ظلمة الليل و توجه الى "نبيه" الذي تسمر في خوفه و جزعه.

- ها هي المحفظة، خذها.. وهو يمد يده في حركة لا ارادية يدفعه الخوف و يمنعه التعب.

و ما ان اقترب سائق السيارة، حتى بانت ملامحة و تعرف "نبيه" على وجهه و ذهب الخوف.

- اووووه، "شاكر"، قد اخفتني! لكن ما الذي اتى بك ؟ قد اخبرتك ان بامكانك الانصراف.

- تفضل بالركوب.. وسأشرح لك.

ركب "نبيه" السيارة واحس بدفىء قد افتقده، و شكر "شاكر" على قدومه.  ومضت السيارة في طريقها الى القصر.



**** الفصل السادس ****



اشرقت الشمس معلنة عن بدء يوم جديد، كان الجو صحو و يبعث بالنشاط... و كالعادة، جلس من النووم و تناول افطاره و توجه الى الشركة.  دخل الشركة و الكل يحيه حتى وصل الى مكتبه و هو يرد التحايا... يبدأ العمل و ينهمك فيه.. ولكن بين الحين والآخرتراوده الافكار والشكوك إزاء تصرفه مع زوجته، و بقى على هذا الحال فترة من الزمن. كانت هذه الافكار تسرقه من عمله. و قد أدت من نقص في الارباح الى بعض الخسائر التي نتجت من سرحانه اثناء تأديته العمل.. و هكذا كان يقضي وقته من البيت الى العمل الى البيت.

في احد الايام، سأله ابنه الاكبر: ألن ترجع امي؟

احتضنه اباه و قال بحنان و عطف الابوه وهو يمسح دموعه: لا بد ان ترجع يا ولدي.. فهي امك و هي زوجتي و هذا بيتها.

مرت الايام والاسابيع، والاولاد يفتقدون امهم، والزوج يفتقد زوجته، والبيت يفتقد راعيته.

تبدلت الاحوال، الزوج صار مديونا بالاموال التي كان يقترضها من البنوك من اجل شركته، و البضائع التي لم تسلمها شركته لزبائنها... حاول السيطرة على الشركة والبيت فما استطاع، طرد الاولاد من المدرسة، ضاع الاولاد الى اصدقاء الشر، لم يتمكن "نبيه" من تعويضهم حنان الأم و لم يكفهم ابوته.

بدأ بالاستغناء عن حياة الرفاهية والعودة الى حياة الفقر، باع القصر واستأجر شقة صغيرة له ولأولاده.. رغم كل ذلك لم يغفل صديقه، بل اعطاه مرتب عمل شهور قادمة و اعفاه من خدمته. حاول ان يعيد الى الاولاد صوابهم و يعيد لهم ما افتقدوه ولكن الظروف كانت اقوى منه.



**** الفصل السابع ****



في تلك الاثناء كانت المشاهدة الوحية التي تستمع بما يحدث هي الزوجة... ربما لايجدر قول ذلك، فقد كانت امها من يحرضها على كل ذلك. وان امها هي من اخذتها المتعة بما آل اليه حال الزوج.

في ذلك البيت المتواضع في احدى الغرف الصغيرة على صوت بكاء.. هرعت الام الى ابنتها، ما بك يا ابنتي؟ لم يكن الجواب غير البكاء والدموع. فاخذ الشر يلمع في عينيها، الم اقل لك، انك لا تستطيعين تحمل فراقه، اصبري ولسوف ترين. سوف يمل تمثيله دور الضحية والعيشة الزاهده و يعود الى قصره و تتضح اكاذيبه. عندها ستعلمين اني لم ابلف الخرافات.

حاولت البنت ان تتماسك، قال: أمي.. اني خائفة على اولادي.. احفادك

- لا تخافي.. سوف تلقنين زوجك درسا بألا يهملك ابداً و بان يلبي جميع مطالبك دون استثناء.. فقط اصبري. و تبسمت الام التي ملئ المكر بسمتها. خافت البنت  و لم لها اي جواب.. فسعت الام تطمأنها على فعلها هذا و انه عين الصواب.



**** الفصل الثامن ****



يوم العيد.. زار "شاكر"، الذي كان يعمل كسائق، صديقه "نبيه" بعد انقطاع طويل. و قد بدا "شاكر" في احسن حال، فكما يبدو انه قد تحصل على وظيفة او عمل زاد من راتبه و رأس ماله، فكان يلبس ثيابا نظيفة جميلة تدل على تحسن وضعه المادي. لم يكن الاستغراب بادياً على وجه "نبيه" حين فتح الباب. اهلا اهلا.. بالاحضان يا صديقي، تفضل تفضل.. كان الحماس و الفرحة يطغيان على "نبيه" بعد رؤيته "شاكر" بهذا الحال.

دارت نقاشات بين الصديقين و كيف كانت الحياة في هذه الفترة من الزمن و حين انتهيا من ذلك، لم يكن بوسع "شاكر" الا ان يواسي صديقه بمحنته و بادره قائلا: أولا تنوي تطليق زوجتك؟

- لا، ان الاولاد بحاجة لها و قد اسرهما الضياع و لم اعد اعرف ما افعل.

- لو كنت مكانك لما بقيت بعيدا عن اهلي.

- صدقني.. و بدا كان شبح الحزن قد هبط عليه  و ملك الموت ينتظره.

ابدى "شاكر" تفهمه لوضع "نبيه" و حزنه، وقال: نعم يا "نبيه"، ذلك هوالقدر. اقدر حبك العظيم لزوجتك، اخبرتني انها اثرتك لشخصك لا لثروتك، فكيف بها تذعن عن العيش معك؟! اعذرني ان كنت اتدخل في شؤونك الخاصة، ولكن اعتقد انك بحاجة لمن تتحدث معه. كان يمنعني حيائي من فعل ذلك حينما كنت اعمل سائقا لديك، و اتمم جملته: ليس هناك داع لان تقول شيئا.. كانت تلك الكلمات ما اوقف "نبيه" عن الاعتذار عن عدم ايجاد غير ذلك العمل لصديقه العزيز.

واتبع "شاكر" حديثه: هيا يا صديقي حدثني...

نظر "نبيه" بعينين ترقرقتا بالدموع وقال لصديقه: احببتها من كل قلبي كما احبتني، ولا اعلم لم هي ترفضني الى، ربما كانت امها هي السبب. فالامهات يستصعبن فراق اولادهن حتى بعد الزواج، اعترف باني قد انشغلت كثيرا بالعمل و لكن ذلك من اجل اسعادها والاولاد. من اجل ما يضمن لنا حياة راقية.. لا ادري لا ادري...!!

صرخ بها و نبرات صوته الشجي تعبر عن جرح عمييق في فؤاده.

قال "شاكر": حسناً اذاً، ربما كان عدم تعليمها هو ما اثر عليها  استحوذت على عقلها الافكار التي غزتها بها امها، فمن السهل ان تقنع جاهل بما تريد.

أتعلم، ان افضل ما تعمله هو ان تعطيها الفرصة ان تأتي اليك، فكما قلت ان قلبها يفيض بحبك، ولسوف تاتي عاجلا ام اجلا. الآن سوف تأتي لتسكن في بيتي، فقد اشتريت بيتا كبيراً لا اسكنه الا انا، زوجتي و ابني وابنتي، تعال معي لتوفر شيئا من المال فتستطيع ان تتماسك و تعيد الحياة الى عملك من جديد. ولسوف يكون الاولاد برفقة اولادي و بذلك تقلل م احتمال تمردهم الدائم و تزيد من وجودهم حولهم و تضمن رفقتهم. وافق "نبيه" و بدأ بتوضيب حقائبه و عزم على بيع مبنى الشركة و صرف الموظفين الذين لن يحتاجهم  و بدأ في تسديد ديونه و فتح مكتب صغير يبدأ فيه من جديد. كان "شاكر" عون كبير لصديقه، فلم يبخل عليه بمال او بأي شيئا قط يحتاج اليه حتى لقمة العيش.

تمكن "نبيه" من اعادة نفسه ماديا، و استطاع ان يجمع اولاده من حوله و ارجاعهم للمدرسة رغم كون حالته الصحية في تدهور مستمر. و لخوفه علىالاولاد من التمرد ثانية بعد ان يسكن الارض، فتكون المشاكل لصديقه "شاكر" بسببهم، جعل يتحدث معهم و يسألهم: هل تفتقدون امكم؟

لم يكن جوابهم بذاك الخوف والخجل: نعم نفتقدها، رغم ان "مريم" قد كانت موجودة كلما احتجناها  و لكن امنا هي امنا!

قال الاب: فلتعلموا يا اولادي..... و بدأ المرض يظهر عليه، و بدأ بالسعال.

اقترب الاولاد من اباهم و ارتموا في حضنه، احاطهم بذراعه و حنانه و اكمل: نعم يا اولادي، لا اريدكم ان تظلموا امكم، اظنني قد اخطأ بكوني عنيدا معها، ولكن لا تقسوا علي. ربما اكون سببا في بعدها عنكم، لكن هي من بدأ ذلك. ارحموا بها يا اولادي، افتحوا لها ابواب بيوتكم، و سيطر عليه المرض و على انفعالاته. بكى الاولاد وقالوا: يا ابي، كفاك، اترح الآن من تعب المرض.

لم يكن الاب يظن بانه سيطيل ذلك من حياته، فقال اسمعوا يا احبائي، ان حق امكم محفوظ، فلا تبذروه وكذلك صديقي "شاكر".. كونوا اولادا له كما كان اخا لي، و لا ترفعوا اصواتكم عليه، و تمسكوا وتعاضدوا  ولا تفرقوا.  واكمل الاب بوصاية اولاده وهويصارع المرض.



**** الفصل التاسع ****



كانت زوجة "نبيه" تستمع لحديث امها، كيف ان "نبيه" مل التمثيل و ها هو قد عاد الى الحياة التي كان يعيشها، تمهلي يا ابنتي و لسوف ترين اليوم الذي يطرق الباب فيطلبك لتعودي الى داره، و سوف تسطرين عليه شروطك كما تريدين و لسوف يقبل دون تردد. وكانت الزوجة المسكينة مذعنة لا تحرك ساكنا تجاه امها، و رغم مرور السنة على اخر انفصال بينهما، الا انها لم تفكر بالطلاق، و لم تستطع ان ترفض اوامر امها الصارمة.





**** الفصل العاشر ****



علت اصوات البكاء في بيت الصديق "شاكر"، فقد انطفىء النور الذي كان ينير الدنيا بعين "نبيه"، و فارقت روحه الجسد. و حين وصل الخبر الى الزوجة المسكينة، لم تستطع الا البكاء في حين تملك الوجوم امها... و قد ادى موت "نبيه" الى جنون الزوجة. فقد كانت تحبه الى اقصى درجات الحب. ما استطاعت العيش معه بهناء لانها استمعت الى اوامر امها و تاثرها بخارج المحيط الاسري الذي اخطأت بتسريب شؤونها الى الخاصة التي كان الاجدر بها الانعزال و الميل الى السرية.

كانت النهاية للزوج من حياة ذاق فيها المر هي بداية التعاسة للزوجة!!



**** تمت ****

 

Mon, 01 Dec 2003 08:17:40
Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق