الأربعاء، نوفمبر 09، 2016

في تأبين صديق




قد تكون الرحلة انتهت
لكن ذكراها الجميلة
رغم كل اختلافاتنا وخلافتنا الصغيرة
ستبقى خالدة

خبر رحيلك عن الحياة موجع ومؤلم وخانق
لكني على يقين أنك بين يدي لطيف رحيم

أحلامنا التي رسمناها سويا وتعلقت بانتظار زوال غمامة المرض
ستبقى لحظات سعيدة لا يمكن أن تمحى

جمعتنا الزمالة الدراسية، جمعتنا الصداقة، وجمعتنا الموسيقى
وما يشترك فيها كلها هو روحك القتالية
الكرم والعطاء
والخيال الواسع

في آخر لقاء تحدثت عن حبك الجم لعائلتك الصغيرة، جنى والريم وأمهما التي تحملت كثير من مشاغبة المعجبات ..
 تحدثت عن رفضك للاستسلام للمرض بسهولة
وعن مستقبل مليء بالأعمال والإنجازات والرقي

ستبقى أنت علي الذي عرفته منذ الصغر حاملا شعلة لم يحجبها المرض
لكنك رحلت بشجاعة وتركت حكاية جميلة

أعجز عن التعبير أكثر عما يملؤني من مشاعر وأفكار
لذا علي أن انتهي هنا..

بحرقة قلب أقول
وداعا يا صديقي العزيز


***

في 8/11/2016م
انتقل إلى رحمة الله الصديق العزيز علي البوري بعد مقاومة شرسة لمرض السرطان، تعافى بعد العلاج الأول لكن عاد لينمو بشكل أكبر أثر على حركته وقدراته، جعل انتقاله رحمه وراحة له ولمن قدم له كفوف العناية والراحة. فقد المحبوب صعب، لكن بقائه في عذاب المرض أصعب. دعواتكم له بالرحمة والمغفرة
اللهم اغفر للعزيز الصديق علي بن حسين البوري، واعفو عنه واكتبه مع عبادك الصالحين واسكنه فسيح جناتك


أكمل القراءة

الاثنين، أكتوبر 31، 2016

طفل ضائع بين الخيارات






ارتكتب خطأ غير مقصود، بل بحسن نية!


كان ابني عبدالعزيز بصحبتي وانا متوجه إلى إحدى البقالات لشراء بعض المقاضي اليومية للمنزل. بعد أن وضعت المشتريات في السلة، وقبل أن أتوجه للمحاسب، طلب ابني أن أسمح له بشراء ما يشاء، ومع قليل من التردد وافقت. أخذ يتجول بعينيه على الأرفف، واستغرق بعض الوقت يحاول أن يختار من بين كل تلك المعروضات من حلوى و أنواع الايسكريم وأكياس البطاطس بمختلف النكهات، واعتقد أن كلا منها – حسب مخيلته – تتهافت للحصول على انتباهه ليختارها.


بدأ الوقت يطول بدون اختيار، ومن طول الإنتظار بدأت أنزعج، فكما هو واضح بدأت حيرته تزداد وتصعّب عليه الاختيار. فما كان مني إلا أن أخبره يجب أن ننصرف حتى لانتأخر، وسألته إذا كان يقبل بالاختيار من ثلاثة (3) أصناف كانت أمامه مباشرة، وفورًا حتى قبل أن أطلب منه اختيار إحداها، في لمح البصر حدد ما يريد دون تردد. لقد كان في حيرة يحاول التركيز على أحد هذه البضائع ليختار، وعندما تدخلت بحصرها، تلقى مساعدة كبيرة. في حال أني لم اتدخل، هل كانت حيرة أبني سنتنهي؟


كانت الحيرة سيدة الموقف، بالتالي لا يمكن أن أصف تلك اللحظات لاختيار أحد الأصناف بأنها غير مهمة أو بأنها بسيطة، أو أنها لا تستدعي كل هذا التفكير. عدم القرار كان سببه الرغبة في الحصول على كل الاشياء المتاحة له، فالخيارات كلها مفتوحة، وهذا الخطأ مني لأني لم اتدرج معه على تقنين الخيارات. تصرفي الخاطئ نابع بحسن نية من اتباع أحد الأساليب التربوية لتنمي في الطفل الأعتماد على النفس والتفكير خارج الصندوق، و اعطاء الطفل الفرصة للتفكير  والتجربة، والقبول بالنتائج الخطأ التي يمكن أن يتعلم منها. كنت أظن إن اعطائه الفرصة للاختيار هنا تعد مشابهة لتلك الأوقات الآخرى التي اعطيه مهمة كنوع من التحدي واطلب منه ان يجد أفضل طريقة لأدائها وإنجاز المهمة. الان اكتشفت الاختلاف وأهمية  تدريب الطفل تدريجيا على اتخاذ القرار.


يمكن تدريب الطفل على اتخاذ القرار  خلال ثلاثة فترات مهمة: قبل، اثناء، وبعد. أولاً، قبل اتخاذ القرار. يمكننا تعليم الطفل كيف يقوم بتجميع كل المعلومات التي يحتاجها عن أي أمر قبل اتخاذ القرار. وتمرينه على ذلك من خلال اختيار الملابس المناسبة حسب حرارة الجو، لون الملابس واهتمامه بالأناقة، نوع العصير الذي يحب، والأهم، التعرف درجات الأهمية، وكيفية التعامل مع المواضيع حسب أهميتها، وأن عليه ألا يتعجل في اتخاذ أى قرار. ثانياً، المساعدة اثناء اتخاذ القرار، حيث يمكن من خلال تشجيع الطفل على طرح الاسئلة، حتى يستطيع الإلمام بكل المعلومات التي تساعده على معرفة نتائج قراره. وآخيرا وليس آخرا، بعد أن يتخذ الطفل قراره، يمكننا مساعدته من خلال التأكيد على مزايا قراراته الصائبة، وطريقة تفكيره التي ساعدته على اتخاذ القرار الصحيح، وايضا بتوفير بيئة تقلل من فزعه في حالة كان قراره خاطئ، بالتالي يستغل الموقف ليتعلم منه.




أكمل القراءة

الجمعة، أكتوبر 28، 2016

أطفالنا والتمرد





أطفالنا والتمرد 

 

#1  شكوى الأوامر

انتشرت شكوى الأبوين من عدم انصياع اطفالهما للأوامر بشكل مكثف في السنوات الآخيرة، فهل هو تمرد أو عدم معرفة بكيفية التصرف مع الأطفال؟

قبل عدة أيام أشتكت أم من ابنها ذي العشر سنوات، الذي إن طلبت منه القيام بشيء فإنه يظهر الموافقة لكنه يماطل في التنفيذ. اقترحت عليها العمل بنظام النقاط، حيث يحصل الطفل على نقطة أو أكثر إذا قام بالمهام المتفق عليها. ثم يتم تقسيم اليوم إلى فترة صباحية، مسائية، وليلية. بالتالي يعرف الطفل أن المهام ليست مكررة، وإذا ما فاته شي فيكون خسر. الأطفال شغوفون بالفوز وعندهم رغبة أن يحصلوا على كل شي. كيف تستخدم النقاط؟ الطريقة بكل سهولة هي استبدال اعطاء الأوامر للطفل إلى سؤال الطفل عن ما انتهى منه في الجدول، و النقاط التي حصل عليها. إذا كان المطلوب هو أحد المذكور على القائمة، فيتم التركيز على حثه لتحصيل النقاط المتبقية دون ذكر المهام، ودون طلب تنفيذ مهمة محددة. وإذا كانت مهمة جديدة، فيسأل الطفل (هل تريد أن تحصل نقطة "المساعدة" بعمل .....).

النتيجة.. ماذا تتوقعون؟



#2 حكاية ما قبل النوم


منذ قليل جربت طريقة حكاية ما قبل النوم لتغذية خيال ابني وبنتي الصغيرين، واخترت أن اتناول مصيبة عملها واحد منهم. بدأت بـ " كان يا ما كان..." ولم أحدد اسماء الشخصيات ولم أحدد أي مصيبة سأقولها لهم حتى .. ! بدأت بوصف علاقة جميلة بين الأطفال وأمهم، وكيف أنها راضية جدا عنهم وخاصة ادبهم في الفصل وفي البيت، وتشكرهم لمواظبتهم الحفاظ على النظافة. وهنا طبعا تبدأ المقاطعات من باب الفضول لمعرفة الجائزة كون الأطفال شطار. كانت هذه اشارة تأكيد اني حصلت على انتباههم، غيرت مسار القصة إلى العمل الخاطئ ، واردت فعليا أن ازرع فيهم شجاعة الإعتذار والاعتراف بالخطأ.

وقصصت عليهم أحداث مختلقة عن تصرف الولد الصغير الذي كان خطأ، وذكرت أنه حاول الاختباء حتى لا تعاقبه أمه. سمعت قهقهة جعلتني ابتسم، فقد كان الصغير يعيش اللحظة بكل تفاصيلها ومتعاطف جدا مع البطل. وأكملت؛ لكن اخته حاولت اقناعه إن عليه اخبار أمه عن فعلته، وأنها بالتأكيد ستتفهم. رفض ذلك الاقتراح بصمت دال على احساسه بالذنب، فقالت اخته سوف اخبرها بنفسي. لم يرد عليها وذهبت إلى أمها تذكرها بأن الأطفال لا يفهمون، يحتاج لشخص يعلمهم "كيف". ردت الام باستغراب: صحيح... هل عملتي ما هو خطأ؟
فاجابت البنت: لا، لكن اخي دون ان يدري اخطأ.
توجهت الام مسرعة تبحث عن طفلها وما أن رأته صرخت: ماذا فعلت؟!
اجابت اخته بالنيابة عنه: لم يكن يدري..
(ولأن الحكاية من تأليفي، يجوز لي كظم غيظ الأم بسهولة)

حينها قالت الأم: لا بأس؛ هل انت بخير؟ ما الذي نفعله إذا أخطأنا؟ نعتذر. قل اسف لأني اخطأت.
فسألها الأبن: وستعطيني هدية؟
أجابت: نعم، سنشتري كثير من الألعاب والحلويات ونغلفها كهدايا، يمكنك أن تأخذ أي منها إذا أحسنت التصرف.
فسألت الأخت: وأنا؟
ردت عليها الأم: طبعا ولك أنت ايضا. فانت مجتهدة وتذهبين لدورة المياة قبل النوم، حتى لا تتبولي في فراشك، أليس كذلك؟
قالت البنت: نعم، انا أذهب للحمام قبل ان أنام، حتى احسن التصرف واشتري هدايا كثيرة.
وقال الطفل الصغير: انا ايضا شاطر، اذهب لدورة المياه قبل أن انام.
اكدت الأم كلامهما ووعدتهما بكثير من الهدايا لأنهما طفلين مميزين.
وانتهت حكاية ما قبل النوم.

مباشرة بعد ذلك، سألت الأطفال إن اعجبتهم الحكاية، فأجابا نعم، ومباشرة طلبا مني أن يذهبا لدورة المياة قبل النوم. رغبتهم ان يكونوا مثل ابطال القصة جعلتهم يبادرون بالطلب.

بالتأكيد هناك تجارب مشابهة، وربما قرأناها او أخبرنا عنها احد، لكن لم نحاول تطبيقها... لن تكون مفيدة إلا إذا جربناها.

أكمل القراءة

الأحد، أغسطس 21، 2016

نظرية التأثير - Nudge Theory

نظرية التأثير
(Nudge Theory)

تصرفاتك اليومية تتأثر بما تراه عينيك، وما تسمعه أذنيك، وتشعر به حواسك، حتى دون أن تكون منتبهًا لكل التفاصيل. تُظهر الدراسات والأبحاث في علم النفس أن تصرفات الشخص تتأثر بالمحيط حوله، ويتضمن ذلك الصور، والكلمات، والحركات ودرجة حرارة الجو وكل ما يدخل في تكوين البيئة المحيطة. هل يمكنك تفادي هذا التأثير؟ اترك لك الإجابة بعد الاطلاع على هذه التجارب العلمية التي تثبت أثر هذه العوامل، ومن ثم يمكنك تقدير تأثيرها  في اختياراتك وأهمية تكوين البيئة المناسبة لك سواء في العمل أو المنزل أو المدرسة أو في التعامل مع الآخرين.


حجم أكواب الذرة وطعمها السيء

أجريت تجربة في أحد دور السينما بالولايات المتحدة الأمريكية، لقياس إن كان حجم اكواب الذرة يؤثر في الناس لأكل المزيد من الذرة. تم وضع كشك ولوحة كبيرة تدعو زوار السينما للحصول مجاناً على تذكرة لمشاهدة أحد الأفلام وكوبٍ من الذرة بحجم صغير او كبير حسب اختياره، مقابل المشاركة وإجابة بعض الاسئلة بعد مشاهدة الفلم.
لم يعلم المشاركون أن الذرة سيئة الطعم، كونها لم تكن طازجة، بالتالي كان المتوقع أن يتوقفون عن الأكل بمجرد تذوق الذرة سيئة الطعم، لكن هذا لم يحدث. بل كان لحجم كوب الذرة تأثير على الكمية التي تناولها كل شخص. الذي اخذ الكوب الكبير تناول كمية أكبر من الذي أخذ الكوب الصغير.
ماذا عنك، في وجبتك القادمة؛ هل ستكمل أو تتناول كمية أكبر من الأكل حتى لو كانت سيئة الطعم؟ أو تتناول نصف وجبة كبيرة حتى لو شعرت بالشبع؟


بقشيش زيادة

عادة ما يدفع الزبون البقشيش تعبيراً عن رضائه بالخدمة، فأيهما أكثر تأثيرًا في زبائن المطاعم لزيادة البقشيش، لذة الأكل أم خدمة المطعم؟ قامت شركة تسويق بدراسة معدل البقشيش في أحد المطاعم الأمريكية، ثم أجرت بعض التعديلات على طريقة خدمة المطعم وملاحظة تأثيرها، دون تغيير طريقة الطبخ أو كمية الطعام أو الأسعار. عند وضع وعاء من الحلوى بطعم النعناع عند مخرج المطعم، ظهر تأثير زيادة بسيطة في البقشيش للزيارات المتكررة. أي أن التأثير  بطيء وغير مباشر. بعدها، تمت إزالة الوعاء، وأصبح الاجراء كالتالي: عند طلب الزبون فاتورة الحساب، يتم شكره لاختيار المطعم، وسؤاله باهتمام عن الأكل وطعمه وجودة الخدمة، وعما يمكن تقديمه لزيادة رضائه عن المطعم، بعدها يتم جلب حلوى النعناع، قبل جلب الفاتورة. 
النتيجة كانت تأثر الزبائن بشكل واضح بعدد قطع الحلوى. فمثلاً، مع قطعة واحدة فقط جعلت البقشيش ترتفع إلى الضعف. بينما عند زيادة عدد القطع إلى اثنتين لكل شخص في نفس الطاولة، فإن البقشيش ارتفع إلى 3 واحياناً 4 أضعاف.
يولد تقديم قطع الحلوى الشعور بالارتياح والاهتمام مما يؤثر على الزبائن وبالتالي على قيمة البقشيش التي يدفعها الزبائن.


التخلف عن مواعيد المستشفى

النسيان يجعلنا نتخلف عن بعض المواعيد التي تهمنا، حتى لو كانت بالمستشفى. من المؤسف، إن عدم الحضور إلى مواعيد المستشفى يكلف الدولة الكثير من الأموال. ففي بريطانيا على سبيل المثال، تصل التكلفة إلى 1.8 مليار جنيه. بهدف ترشيد المصاريف، تم تعيين فريق من علماء النفس – المتخصصين في تغيير الطباع – لدراسة الحالة ومحاولة إيجاد سبب عدم حضور المواعيد. بعد عدة اجتماعات، قرر الفريق البحث عن طريقة تزيد الالتزام بحضور المواعيد بدلاً من البحث عن اسباب عدم الحضور. تمت تجربة عدد من الاقتراحات، وكان أبسطها أن يقوم موظف جدولة المواعيد بسؤال المتصل عن وقت وتاريخ الموعد المناسب لحضوره، بدلاً من اقتراح موعد حسب توفره في الجدول. وبعد الترتيب المبدئي، يتم مرة اخرى وقبل انهاء المكالمة سؤال المتصل من باب التأكيد عن وقت وتاريخ الموعد. النتيجة كانت تحسن الالتزام بالمواعيد بما يقارب 7%، والتي تمثل ما قيمته 126 مليون جنيه بريطاني.


غسل اليد والقدوة الحسنة

عندما يتم توجيه تعليمات للأطفال لعمل معين، وأبسط مثال هو غسيل اليد قبل الأكل وبعده، تكون ردة الفعل احيانا عدم تقبل الطفل لأي تعليمات أو أوامر. يمكن التاثير على الطفل العنيد بطريقة بسيطة جدا، وهي أن يرى أمامه قدوة حسنة. كيف ذلك؟
بدلاً من اعطاء الطفل تعليمات، يمكن أن تعبر بصوتٍ مسموعٍ نيتك للقيام بالعمل، مثلا: "آه، لقد نسيت غسيل يدي، سأقوم بغسل يدي الآن". هذا التصرف يؤثر في نفسية الطفل، ولا شعورياً سيقوم بتقليدك والقيام بغسل يده. ماذا لو أجريت التجربة ولم يستجب طفلك؟ يمكنك تحفيزه بطريقة مباشرة بأن تدعوه للمشاركة أو سؤاله، مثلا: "نسيت غسل يدي، سأقوم بغسل، هل غسلت يدك أنت؟"، أو "هل تأتي معي لغسل يدك ايضا؟"
كذلك الحال عند رغبتك بأن يقوم بترتيب ألعابه أو تنظيف غرفته. فقط اختر أحد الأعمال التي يرفض طفلك تنفيذها، وفكر في طريقة تخبره أنك ستقوم بالعمل وسترى تأثره بطريقة مباشرة.


اللون الأصفر و السلامة في المصنع

أحد المصانع في البرازيل كان يعاني من كثرة الحوادث وإصابات الموظفين الخطرة. السبب كان واضحًا للجميع؛ عدم ارتداء العاملين بالمصنع أدوات السلامة المطلوبة رغم معرفتهم بأهميتها وإصابة بعضهم بسبب تجاهلهم لمكامن الخطر.
تم تعيين "كارين" كرئيسة للمصنع لتواجه هذه المشكلة مع تحدٍ آخر، هو كونها امرأة ترأس عمال المصنع من الرجال. يهمنا هنا كيف عالجت "كارين" مسألة السلامة الوقائية. بعد دراسة أكثر الأجهزة خطرًا، أمرت برسم خط أصفر حول ذلك الجهاز، وَ وضع تعليمات تُلزم العمال بارتداء أدوات السلامة الوقائية عند وجود خط أصفر حول أي جهازٍ في المصنع، وأنه سيتم فرض عقوبات لمن لا يلتزم بذلك. تقبل العمال الالتزام بالسلامة الوقائية  فهو جهاز واحد فقط ولا يتطلب جهد لارتداء أدوات الوقاية. أدى ذلك إلى تقليل نسبة الحوادث والإصابات بشكل واضح. بعد ذلك،أمرت برسم خط أصفر  حول جهاز آخر، ولم يُعلن عن أي تعليمات بخصوصه. المفاجأة كانت التزام العمال بالسلامة الوقائية عند استخدام الجهاز الثاني ايضا بسبب وجود الخط الأصفر، وقلت نسبة الحوادث أيضًا. ثم تدريجيا صارت تُرسم الخطوط الصفراء حول أجهزة المصنع واحداً تلو الآخر، والعمال يلتزمون بالسلامة الوقائية عند استخدام هذه الأجهزة. آخيرًا، تم رسم خط أصفر عند بوابة المصنع، مما يعني وجوب ارتداء ادوات السلامة عند دخول المصنع بغض النظر عن استخدام الاجهزة، وبهذا تمكنت "كارين" عن طريق الخطوط الصفراء التاثير على العمال وإيجاد حل للمشكلة.


هناك تجارب علمية اخرى تؤكد تأثر قراراتنا وتصرفاتنا بما حولنا، وما ذكرته هنا ليس الا محاولة لتوضيح الفكرة. للمزيد حول هذه التجارب يمكن مراجعة الكتب التالية:

Outlair - Malcolm Gladwell 1- 
Thinking fast and slow  - Daniel Kahne2-  man
2- Tipping Point - Malcolm Gladwell 
3- Contagious - Jonah Berger 
4- Switch - Dan Heath and Chip Heath
5- Decisive - Chip Heath 
6- Blink - Malcolm Gladwell 

وقد وجدت  وقد وجدت كثير من هذه التجارب في كتاب واحد للمؤلف نوح جولدستين (Noah Goldstien) بعنوان: 

Yes! 50 Scientifically proven ways to be persuasive 


قراءة ممتعة :)

أكمل القراءة

السبت، يونيو 18، 2016

مخاطر صغيرة للنجاج


مخاطر صغيرة للنجاح



كي تنجح، عليك أن تجرب. أول محاولة، لعمل أي مشروع جديد عليك من ناحية المعرفة او المهارة، ستكون محاولة معرضة للنجاح أو للفشل. في حال الفشل، ستكون قد تعلمت أحد الطرق التي يجب تفاديها في المحاولة القادمة. في هذا المقال سيتم استعراض بعض التجارب العلمية التي توضح المؤثرات في صنع قرارك لمحاولة النجاح في الأمور الجدية والتي قد تكون الغامضة وتواجهها لأول مرة.  ستتعرف على الدوافع الشخصية لتفادي المخاطر، فإن تغلبت عليها ستتمكن من التجربة، والتعلم الذي يكسبك الخبرة والمهارة، التي ستنمو مع الوقت لتجعلك خبير، يستطيع صناعة الحظ واقتناص الفرص، وأن يفكر خارج الصندوق.

 
تفادي المخاطر

اغلبية البشر يغلب عليهم طابع الخوف من الخسارة. يقول عالم النفس والبروفِسور دانيال كانيامان في كتابه (التفكير السريع والتفكير البطيء) ان من بين المؤثرات في صنع القرارات لدى الشخص هو مستوى المخاطرة لديه، وأن الأغلب من الناس لديه طبع تفادي الخسائر (Loss Aversion) بدلا من السعي لنيل المكتسبات المحتملة.  مثال للتوضيح، تخيل أن يتم عرض عليك خصم 5% أو تفادي دفع 5% رسوم إضافية، أيهما تختار؟ هذه الطبيعة البشرية تؤثر في قرارات البشر وتهم الاقتصاديين والمسوقين بشكل خاص.
ثم يذكر "كانيمان" أن رواد الأعمال (Entrepreneurs   )  يختلفون عن بقية البشر، حيث تزداد عندهم نسبة المخاطرة، ولديهم نظرة إيجابية تدفعهم لبدء مشاريع قد فشل فيها من سبقهم. مثال ذلك، زوجين قد صادفهما في أحد رحلاته الاستكشافية، عبرا عن سعادتهما بشراء فندق يتميز بموقعه الاستراتيجي، كونه الفندق الوحيد القريب من غابة يقصدها الناس للتخييم في رحلاتهم، وأعربا عن نيتهما ببناء مطعم جانب هذا الفندق. من الواضح ان النظرة الإيجابية لهذين الزوجين جعلتهما يغفلان عن دراسة أسباب فشل الفندق وبيعه بنصف ثمنه! ناهيك عن فكرة صرف بقية اموالهما في بناء مطعم بجانب الفندق.


اكتساب الخبرة
 يذكر "سيث غودن" في كتابه الركيزة الأساسية "Linchpin" عن الأشخاص الذين يؤثرون على عمل وانتاجية الشركة التي يعملون بها من خلال حاجة الشركة لخبراتهم، انهم بدأوا من الصفر وكسبوا المهارة والمعرفة من خلال التجارب المتعددة والتعلم من الأخطاء. لديهم روح رياضية تتقبل الفشل وينظرون للجانب الإيجابي من كل تجربة مهما صغر حجمها.  يتميز هؤلاء بقدرتهم على الارتجال في المواقف التي يسود فيها العشوائية ويغيب منها النظام، وأيضا وجود حافز يدفعهم لعدم الخوف من تجاهل خطوات العمل إن وجدوا إمكانية تحسينها.  إن حاولنا تفسير طريقة عمل هؤلاء، فهي بكل تأكيد حب التجربة وتفضيل إيجاد النتائج من خلال العمل بدلا من النظريات، وحساب المخاطر يتم بشكل بسيط لدى هؤلاء. إذن، الخبرات هي تراكم تجارب كثيرة وليس تجربة واحدة. مع صغر حجم الاحداث تزداد نسبة حدوثها.


كرة الثلج
  
يقول "مالكوم غلادويل" في كتابه نقطة التحول "Tipping Point" ان التغييرات الجذرية  (أو الأحداث الكبيرة) تكون نتيجة تراكم احداث صغيرة. ويوضح ذلك بما حدث في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الامريكية، حيث كانت نسبة الجرائم عالية جداً، ولم تثمر الحلول الأمنية في تقليل هذه النسبة. تمت الاستعانة بعلماء النفس، وقد اقترح أحدهم الاهتمام بـ "نظرية النافذة المكسورة". كانت تكثر في نيويورك الشوارع المظلمة والنوافذ المكسورة للبيوت التي تقع على تلك الشوارع.  يقول العالم ان هذه البيئة تشجع على السرقة، ولتقليل هذا التشجيع يجب اصلاح إنارة الشوارع والنوافذ المكسورة. رغم وجود تشكيك من فعالية هذه الطريقة، إلا ان التكلفة كانت اقل من الميزانية المرصودة لشرطة المدينة، بالتالي لم يكن لديهم مانع من تجربة هذا الحل. أظهرت الطريقة فعاليتها بتقليل نسبة الجرائم ما يقارب 30%.


مخاطر صغيرة

اغلب ما سبق، بالإضافة لكونها قصص ممتعة، يظهر زاوية من سيكولوجية صنع القرار لدى البشر، ويساعدنا على إيجاد مخرج يناسب هذه الطباع. أي تجربة نهايتها النجاح او الفشل، فماذا يمكننا ان نفعل لزيادة نسبة النجاح؟ يستعرض بيتر سيمز "Peter Sims" في كتابه مخاطر صغيرة "Little Bets" أهمية المخاطرات الصغيرة، وكيف تقود إلى ابتكارات ونجاحات كبيرة. يقترح قبل اتخاذ قرار ان نحسب "قوة التحمل" لحجم الخسارة التي يمكن أن تحدث، والمكسب الذي يمكن أن نحققه، وليس من باب كم سنخسر، لان التفكير في الخسارة يغلق أبواب كثيرة ويجعل الشخص منغلق في دائرة تمنعه من التقدم والتطور.  تجدر الإشارة ان "ريتشارد وايزمان" يصف هؤلاء المنغلقين بـ "غير المحظوظين"، والذين لا يمكنهم رؤية الفرص الثمينة.


صناعة الحظ

الفرص تمر امامنا باستمرار، لكن المحظوظين فقط ينتهزونها. أجرى "ريشتارد وايزمان" تجربة تحضيرا لكتابه (عامل الحظ "The Luck Factor")، شارك فيها 400 شخص ما بين رؤساء شركات ومهندسين وباحثين وعمال نظافة. التجربة تمر بعدة مراحل، بدأت بتعبئة استمارة فيها سؤال: هل تعتبر نفسك محظوظ او غير محظوظ؟
كانت نسبة الإجابات مختلفة، 30% محظوظين، 25% غير محظوظين، 45% بين هذا وذاك. بعدها طلب منهم إحصاء عدد الصور في جريدة معينة، انهى المحظوظين المهمة خلال 0.2 ثانية، بينما استغرقت المهمة بين 2.8  - 3.5 دقيقة مع غير المحظوظين. فما السبب في هذا الفارق الكبير؟ غير المحظوظين يهتمون فقط بإتمام المهمة التي تطلب منهم، ويتجاهلون غير ذلك. وضع في الصفحة الأولى عنوان بخط عريض كتب فيه "توقف عن العد إذا رأيت هذا العنوان". لكنهم لم يتوقفوا. وأيضا في الصفحة الثانية وضع عنوان كبير كتب فيه: "توقف عن العد الآن احصل على 250 دولار". رغم ذلك، لم ينتبه غير المحظوظين لهذا العنوان أيضا.  إذا كنت تعتبر نفسك غير محظوظ، أعد التفكير بعد قراءة هذه التجربة.


بنوك للفقراء

محمد يونس درس الاقتصاد في أمريكا، ثم انتقل إلى مدينة جوبرا في الهند ليدرس سبب الفقر ومحاولة إيجاد حلول بنكية للفقراء. اكتشف محمد يونس ان اغلب السكان بالكاد يحصلون على قوت يومهم، ومستواهم التعليمي بسيط جداً مما يجعلهم يدورون في دائرة مفرغة لا يمكنهم تجاوزها وتجاوز الفقر.  تعمق أكثر في حياة السكان، وتعرف على فتاة تدعى "صوفيا"، تعمل على صنع الكراسي من ساق النباتات، وتحديدا ساق البامبو. سألها عن طريقة عملها حتى يحاول فهم سبب بقائها على نفس الدرجة من الفقر رغم وجود العمل. اكتشف انها تقترض من وسيط مبلغ 5 تاكا (ما يعادل 0.22 دولار) لتشتري ساق البامبو، وتصنع منها الكرسي، ثم تبيع الكرسي بسعر 5.5 تاكا على الوسيط نفسه. أي انها كسبت 0.5 تاكا (ما يعادل 0.02 دولار).
سألها ان كان بالإمكان الاقتراض من وسيط والبيع على شخص آخر، فذكرت له ان نسبة الفوائد تصبح 10% يوميا على القرض. أي ان مكسبها من العمل سيذهب كله للفوائد على القرض. وجد محمد يونس نفسه في مكان لا يوجود به نظام رسمي يحمي هؤلاء الفقراء، فيتم استغلالهم بهذه الصورة البشعة من قبل طمع التجار او الأغنياء.
رصد بعدها عدد عوائل تلك القرية الذي يعتمدون على القروض من الوسطاء، ووجدهم 42 عائلة تحت خط الفقر، وان مبلغ 27 دولار كفيل بسد حاجتهم لبدء عملهم والخروج من تلك الدائرة المفرغة التي تبقيهم أسرى الفقر. كانت الـ 27 دولار هي اول قرض شخصي وباكورة اعمال "بنك جورمين" الذي أسسه محمد يونس معتمدا على القروض الصغيرة جدا (مايكرو فندنغ Micro Funding)، ونجح في هذا المشروع ليتجاوز مجموع القروض 91 مليار، مع نسبة سداد أكثر من 98%.
كسر محمد يونس الصورة النمطية التي كونتها البنوك عن العوائل الفقيرة وعدم قدرتها على تسديد القروض، متبعا أسلوب المخاطر الصغيرة.


التفكير خارج الصندوق

كثيرا ما نسمع عبارة التفكير خارج الصندوق، فما هو الصندوق؟ العقل البشري له القدرة على استذكار ما يتكرر على مرأى العين أسرع من تلك نادرة الحدوث. لذا، يكون الصندوق هو الحيّز المغلق الذي تراه بشكل متكرر. يمكنك زيادة حجم هذا الصندوق بمزيد من التجارب الصغيرة. فقط عليك موازنة المخاطرة لتستطيع ان تخرج بنجاح او تجربة تتعلم منها.  حساب المخاطر ليس حساب الخسارة فقط، انما التركيز على حجم الخسارة الذي يمكن ان نتحمله. وكما يقول تشب هيث "Chip Heath" في كتابه حاسم "Decisive” ان من الخطأ الاعتماد على المعلومات المتاحة فقط عند صنع القرار، ويجب ان يحاول الشخص التفكير بحلول أخرى، وان يخضعها للتحقق، ويفكر بمعزل عن العواطف والمشاعر، ويتقبل احتمالية ان يكون مخطئا بشأن قراره.


خاتمة

النتيجة التي يقودنا لها هذا المقال، ان النجاح لا يأتي وليد الصدفة، ولا حصيلة مجلدات كتب تصف النجاح بحرفية متناهية، وبلاغة أدبية. بل كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:     وما نيل المطالب بالتمني          ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
عليك ان تبادر بالعمل، وان تتقبل الفشل، وان لا تستسهل الخطوات القصيرة، ولا المشاريع الصغيرة.  احسب قدرتك على تحمل الخسارة قبل ان تقرر القبول او الرفض. تأكد ان كل خطوة تخطوها تضيف لرصيدك معرفة ومهارة.  تفاعلك مع الأشياء المحيطة بك تزيد نسبة الفرص من حولك، مما يجعلك محظوظا، وأكثر قدرة على النجاح.

أكمل القراءة

الخميس، مايو 19، 2016

التفكير السريع والتفكير البطيء

التفكير السريع والتفكير البطيء




ماذا يعني هذا العنوان؟ هل يوجد تفكير سريع وبطيء؟!

 جرب خلال 5 ثواني الإجابة على هذه العمليات الحسابية:

1)         1 × 1      = ....

2)         2 × 2      = ....

3)        17  × 24  = ....

على الأرجح، استطعت إيجاد الجواب للسؤال الأول والسؤال الثاني دون عناء التفكير، بينما السؤال الثالث جعلك تقرأه مرة آخرى، وربما توقفت عن حساب الجواب واكملت القراءة لتعرف ما الهدف من اجراء العمليات الحسابية. لا تقلق، ما لم تكن نابغة في الرياضيات، فانت مثل أغلب البشر الذين لن يجيبوا لحظيا على السؤال الآخير. نعم، يمكنك تقليل سرعة الإجابة، وأخذ الوقت الكافي لعمل الخطوات التي تعلمتها لحساب ناتج عملية ضرب عددين.

إذن، هناك تفكير سريع وتفكير بطيء، ويمكننا الاستفادة من هذه المعرفة في صنع قرارات أفضل.

في كتاب "التفكير السريع والتفكير البطيء" للكاتب "دانيال كانيمان"، يطلق على التفكير السريع مُسمَّى "النظام 1"، وهذا النظام هو الأول والسبّاق في تحديد ردة الفعل، والتجاوب مع التغيرات التي تطرأ على المحيط. ردة الفعل تكون لحظية، وسريعة جداً، لدرجة يصعب أن نقول قد سبقها أي تفكير!

أما التفكير البطيء فقد اعطاه اسم "النظام 2"، ويصفه "دانيال" بانه يستقبل المعطيات، ويتدبر فيها، ويحللها بتأني ويبذل جُهد يتناسب مع صعوبة الموقف، ليتمكن العقل من اجراء الحسابات وتحديد النتيجة أو ردة الفعل أو القرار الذي يجب اتخاذه. ولهذا، كون "النظام 2" مُتعب فهو لا يعمل تلقائيا، وإلا سنشعر بالأعياء والتعب طوال الوقت.

"النظام 1" يعمل بطريقة تلقائية، ولا يمكن إيقافه. لتوضيح ذلك، حاول النظر إلى الرموز التالية دون محاولة فهمها:

123  ،   أ ب ت   ،  شمس  ،  قمر

تلقائيا، فسّر عقلك هذه الرموز ولم تستطع أن تتجاهل معناها، وقرأ الكلمات دون إرادتك، حتى لو أردت مغالطة نفسك لن تستطيع! قارن ذلك بتجربتك مع العمليات الحسابية بالأعلى، ستجد أن "النظام 1" كان كسولا في السؤال #3 فلم يقم باجراء العملية، بينما مع هذه الرموز البسيطة لم تستهلك أي جهد وفي أقل من اجزاء من الثانية أنهى عمله.

هذه المقدمة مهمة لفهم طريقة عمل العقل، ثم اختيار النظام المناسب  في الوقت والمكان المناسب بناء على المزايا لكل نظام. وببساطة، هذه مقارنة مبدئية:

"النظام 1" يتميز بكونه سريع، تلقائي، عاطفي، تقريبي، غير إرادي.

"النظام 2" يتميز بكونه بطيء، مُجهد، تحليلي، حسابي، إرادي.


كيف يستطيع "النظام 1" اعطاء الاجابات لحظيا؟


بكل بساطة، عن طريق تحضير إجابات مسبقة، لذلك نجده مستعداً، ويعمل تلقائيا، وأغلب قرارتنا يتخذها "النظام 1" كونه الأسرع. أغلب هذه القرارات استنتاجية تعتمد على ما يتوفر من معلومات، وفيما يلي بعض الطرق المستخدمة لتحضير الاجابات.


تثبيت المعلومة:


أي أنه يربط فعل معين (سبب) بحدث معين (نتيجة). عند تكرار السبب، فأنه يستنتج لحظيا النتيجة المتوقعة. بعد أول مرة  نرى فيها سقوط كأس زجاجي على الأرض، يمكننا استنتاج ماذا سيحدث لو سقط كأس من زجاج مجدداً.


توفر المعلومة:


يستخدم "النظام 1" المعلومات في الموقف الحاصل أمامه ليستنتج القرار سريعا، بدلا من إيجاد معلومات آخرى في الذاكرة أو خلف الكواليس ربما تغير النتيجة. مثلا، إذا تأخر احدهم على موعد ما، فأن المعلومات المتوفرة قد تحفزه لزيادة سرعة قيادة السيارة، بينما لو حاول إيجاد حلول آخرى، سيجد امكانية إلغاء الموعد او تأخيره حتى يصل سالما دون مخاطرة.


سؤال بديل:


هذه الطريقة تستخدم إذا كان الموقف جديد، ولا يوجد له سجلات في الذاكرة. عند وجود سؤال صعب، يحاول "النظام 1" تبديل  السؤال بآخر مكافئ له، وسهل يمكنه الإجابة عليه. فمثلا، ما حاصل 17 × 24 ؟ سيحاول العقل تجزئة السؤال الى إيجاد ناتج عدة عمليات حسابية، مثلا  (15 × 20 ) + ( 15 × 4 ) وتقريب الإجابة إلى 360. بينما النتيجة الصحيحة هي 408، مما يعني وجود خطأ في الإجابة التي خمنها "النظام 1" نتيجة التبديل.


تفادي الخسارة:


بعض الدراسات اظهرت ان البشر يخافون من الخسارة، ودائما ما تكون قراراتهم بهدف تفادي الخسارة.


تأطير المعلومة:


سياق المعلومة يؤثر على متلقيها بشكل كبير. مثلا، عندما يعطيك رئيسك في العمل ملاحظة حول عملك، فإن الأرجح انك سوف تأخذها كانتقاد ينتقص من عملك، وقد تحزنك هذه الملاحظة. بينما لو اتتك الملاحظة من اعز اصدقائك، فإنك ستعتبرها من باب الحرص عليك وتفادي الخطأ وسيسعدك ان صديقك لفت انتباهك لهذه الملاحظة قبل الآخرين.

اختتم بذكر أن خلاصة الكتاب ممتعة، ويمكنها أن تفتح أفاق تفكير مختلفة عما تعودت عليه انت خلال سنواتك الماضية. سيمكنك معرفة إذا قراراتك صنعها بسرعة "النظام 1" او "النظام 2" ، وما الذي أثر عليك في صنع القرار، وإن كنت بحاجة لإعادة التفكير في قرارك.

 

أكمل القراءة

الأحد، مايو 15، 2016

العجز عن الكتابة

العجز عن الكتابة 




تمر بنا لحظات يصعب فيها التعبير عن ما يخالجنا من أفكار أو مشاعر، وقد تستمر هذه اللحظات إلى دقائق وساعات وربما أيام. اتسائل بشكل غير مباشر عن هذه الأسباب، ولست أفخر بذكر أن هذه التساؤلات لا تصل طرف لساني لأنطقها، أو أطراف أصابعي لأكتبها. أسهل الإجابات هو التسليم بالقول أنها حالة نفسية – كما الدورة الشهرية لدى المرأة – تعتبر طبيعة بشرية حيوية فسيولوجية يحتاجها الجسم للتخلص من المشاعر السلبية أو التعب. فالكاتب في أكثر الأحيان يجد الحروف تنساب كلمات من قلمه الذهبي، والمتحدث اللبق يجدها نغمات موسيقية يعزفها لسانه سيمفونيات متسلسلة تشد انتباه المستمع وتصل أعماقه. إجابة آخرى تدعي أن المؤلف يصل لهذه المرحلة بعد أن يستهلك طاقته، فتؤثر على قدرة عقله المنهك – من فترة عمل طويلة – على أن يلملم شتات الأفكار، التي تبدو كأنها شبكة عنكبوت، خيوط رفيعة ممتدة وتلتقي في نقطة ما هناك يمكنك أن تراها، وتحاول أن تبحر في بعض التفاصيل لتجد العلاقة بينها، وفجأة تجد نفسك قد انتقلت إلى فكرة آخرى. ثمالة مصحوبة بإنهاك تصّعب هيكلة مقال نص جديد أو صنع قالب ذات معنى. دوّامة مستمرة تشبه دِوَار البحر، السفينة تترنح على رقص الأمواج، والشمس ترسل اشعتها الحارقة، تزيد اعياء الشعور بالعطش. تلوح بالأفق بوادر فكرة تتلاشى سراباً يختلط مع انعكاسات سطح الماء، تغرق فيه الرغبة بالإبهار. في زيارتي لصديقي المبدع في الرسم والتصميم وجدته يتحدث عن التغذية البصرية، ويقول أن هذه الصور الجميلة بمختلف تفاصيلها تتسرب خطوطا والوان إلى عقله الباطن دون أن ينوي ذلك، ولكنه حينما يبدأ مشروع تصميم جديد يستطيع عقله الواعي التحدث مع عقله الباطني لاستعراض ذلك المخزون والرصيد الكبير من الأرشيف المحتفظ به، فيدمج أفكار هذه المخطوطات بتلك الألوان وهذا الانحناء بتلك الزوايا ليخرج بعمل فني جديد لم يسبق أن رآه احد.

إن كان للمصمم تغذية بصرية، فهل للمؤلف تغذية خيال؟

ثم ابدأ فكرة ما علّها تساعدني في تحديد أسباب عدم القدرة على التأليف والكتابة والتعبير ... وأصحو من غفوة دون إجابات، تزيد من القلق أياه ، وأعود للدوامة ذاتها...

أدلي بدلوك ، كيف اتخلص من هالدوامة؟

أكمل القراءة

الأحد، يناير 31، 2016

حالات شاذة - outliers

بسم الله الرحمن الرحيم



يزعم "مالكوم غلادويل" في هذا الكتاب إن تميز مواطني شرق آسيا في الحساب والرياضيات يعود لعملهم في حقول الأرز!
في هذا الكتاب، يبحث مالكوم عن الأسباب التي ساعدت بعض المشاهير على تحقيق النجاح. من ضمن هؤلاء المشاهير بيل غيتس المعروف بتأسيس شركة مايكروسوفت. يحاول تحديد المؤثرات الفعلية في نجاح جميع الشخصيات التي تناولها الكتاب. والهدف من ذلك هو وضع الخطوات التي يمكن لأي شخص اتباعها لتحقيق النجاح.

إذن، ما هي علاقة حقول الأرز بتميز مواطني شرق آسيا في الرياضيات؟

يفسر "مالكوم" ذلك بقوله، إن المزارعين في أوربا وامريكا إذا ما أرادوا زيادة المدخول، فيقومون بعمل ميكانيكي. وذلك من خلال زيادة مساحة الأرض المزروعة، واستخدام الآلات في عملية الزرع وعملية الحصاد. أما في شرق آسيا وبالتحديد في اليابان والصين وماليزيا فإن المساحات صغيرة جداً، والحالة المادية ضعيفة جداً، فلذلك يلجأ المزارعون لزيادة المدخول بطريقة آخرى. 
يمضي المزارعون قرابة الـ 3000 ساعة سنويا في العناية الخاصة بمزارع الأرز بالتأكد من مستوى الماء ومستوى التربة وحساب موعد الحصاد وتحديد موعد الزرع، وذلك حسب الإتفاق بين أصحاب الأراضي والمزارعين على نسبة معينة من المدخول. إيجاد هذه النسبة تتطلب حسابات حتى تكون مناسبة لصاحب الأرض، ومجزية للمزارع. 
ويذكر أيضا حبهم للعمل الدؤوب الذي له أثر كبير في نجاحهم في عملهم. ففي الصين مثلاً يكررون:


“No one who can rise before dawn three hundred and sixty days a year fails to make his family rich.”

الترجمة: "لا يوجد من يصحى قبل الشروق ثلاثمائة وستون يوماً في السنة ويفشل في أن يجعل عائلة غنية"
يذكر أيضا إن اللغة تعتبر من أسباب تفوق شرق آسيا أيضا. 
فالرقم أوَ العدد ينطق بأقل عدد من الأصوات، وكذلك طريقة التعبير عن الرقم تكون طبيعية أكثر من الأرقام في اللغة الإنجليزية على سبيل المقارنة. كمثال: 
ثلاثة وعشرون، أسهل للفهم من "عشرون وثلاثة".

الممتع في الكتاب، لغته السهلة في تقديم نتائج الأبحاث، وتنفيد بعضها والتأكيد على بعضها الآخر ، وذلك لتحديد من هم المميزون الشاذون عن العوام من الناس، وكيف كانت قصص نجاحهم الحقيقة وليست القصص التسويقية الوردية التي تتجاهل التفاصيل الدقيقة والمعاناة التي قد يمر بها أحدهم وتصقل موهبته، كما في قصة المحامين اليهود وكيف كان عملهم محصورا في قضايا المنازعات بين الشركات ولمدة 20 سنة، وكانت شركات المحاماة الكبرى تنظر لمثل هذه القضايا بعين الازدراء. بينما في عصرنا الحالي فإن شراء الشركات الكبيرة للشركات الصغيرة يتطلب حنكة وذكاء في التعامل من المحامين مع أصحاب الشركات، ومن هنا يبرز تميز المحامين اليهود بعد ظروف صعبة لكنها كانت فرصة ذهبية لما حالت إليه الأمور الآن. 
  
مع وصولك لخاتمة الكتاب ، ستجد إن كل الشخصيات الناجحة والتي تم اختيارها كحالة نادرة أو شاذة أو مميزة، ما هي إلا حالة طبيعية مثلك ومثلي، ويمكنك أنت ان تحقق النجاح أيضا إذا ما امضيت 10 آلاف ساعة تدريب، وسنحت لك الفرصة لتبرز نفسك.

أجد أنه من  الذكاء والتلاعب بالألفاظ اختياره لعنوان الكتاب "outliers"  ؛ ففي الإحصاء، ترجمتها تكون حالات شاذة أو حالات نادرة ، أما الترجمة في الأحياء فهي "طفرات جينية" ، وفي قصص النجاح، فترجمتها المميزون. 

وذكر في الكتاب ان العنوان هو أنجليزية تعتبر مصطلح علمي يمكنه شرحه كالتالي:
في أي رسم بياني، عادة ما نجد خط مستقيم أو منحني يصل بين النقاط التي تم وضعها على الرسم البياني. أو عند استخدام نحنى بيل (bell  curve) فأن التوزيع يكون الأغلبية في المنتصف، وأقلية على الطرفين اليمين واليسار.

في الرسم أعلاه، إذا وجدنا نقطة خارج المناطق المحددة، فهي نقطة شاذة، أو متطرفة، أو حالة نادرة. أحيانا، نجد نقاط خارجة عن ذلك الخط ونصفها بـ قيمة شاذة، أو "شواذ". 

أما التناقض الذي أجد أن "ماكسويل" قد وقع فيه، هو ذكره في فصل آخر عن أهمية العمل المتواصل، وإن العمل لمدة 10 الآف ساعة يمكنه أن يجعل الشخص متمكن من عمله، وناجح. فبينما يحاول التأكيد على هذه النظرية بعدة قصص، مثل قصة لاعبي الهوكي، وبيل غيتس، و فرقة البيتلز الموسيقية ، وغيرهم، ويعزو نجاحهم لتدريبهم المستمر حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، فهو يناقض نفسه بذكره إن الفرص والظروف مهمة أيضا ليستفيد الشخص من تدريبه المتواصل ووصوله لمرحلة الاحترافية. وذكر مثال على ذلك مقارنة بين مستوى ذكاء آينشتاين (160) مع مستوى ذكاء "كريستوفر لانغن" الذي وصل الى 190، مع ذلك لم يحقق "كريستفور لانغن" أي إنجاز يذكر، وذلك لإن الظروف التي مر بها لم تصنع له الفرصة المناسبة.


يختتم "مالكوم" كتابه بقصة عن والدته التي نجحت في الخروج من شقة  صغيرة تعيش فيها مع عائلتها بظروفها السيئة جداً في جاميكا، إلى العيش في طبقة متوسطة في كندا. وهذه الخاتمة مع غيرها من القصص تشير إلى أهمية دور الوالدين في تنشئة ابنائهم ونجاحهم.

أكمل القراءة