الثلاثاء، أغسطس 06، 2013

أرض الأحلام

بسم الله الرحمن الرحيم


 أرض الأحلام



مقال تم نشره في القافلة الأسبوعية التي تصدر عن شركة ارامكو السعودية

لكن لضيق المساحة تم تقطيعه بشكل جعله يفقد ما يميزه عن بقية النصوص التي تحدثت عن نفس الموضوع. اترك لكم النص الأصلي قبل مقص المحرر:
تزخر بلداننا العربية بالمبتكرين والمبدعين والمفكرين، وقليلٌ منهم الذين لا يألون جهداً في تحويل أفكارهم إلى مُنتجٍ ملموسٍ يمكن استخدامه أو الاستفادةُ منه. هؤلاء الثلة يمتازون عن غيرهم بالمبادرة، والسعي لتحقيق أحلامهم. يساعد المجتمع الذي يكثر فيه أفرادٌ ذوو عقلٍ متفتح في إظهار جهود هؤلاء، وَ دعم المبادرات التي تصب في مجال الإبداعات والابتكارات والأفكار الجديدة، بالإضافة إلى وجود حاضنات أعمالٍ تستقطب من لديهم هذه الصفات، وتعمل على تطوير وتحويل الفكرةِ إلى ما يسهم في خدمة الناس.


في عهدٍ مضى، كانت الأنظار تتوجه إلى أمريكا بالتحديد لأسباب – في رأيي المتواضع متعددة – تميزها عن بقية الدول الأجنبية. وقتها، لم يكن العالم قرية صغيرة يمكن التنقل بين أحيائها بكل سهولة كما هو حالنا الآن. كانت تُتَدَاوَل الأخبار عن الإنجازات التي تحققها الشركات الأمريكية، وعن الفرص التي تقدمها لقاطني تلك القارة التي يصعب الوصول إليها. زاد من تفخيم تلك الدولة الأفلام الهوليودية والمؤثرات التصويرية التي باعتقادي كان يظنها المشاهدون آنذاك حقيقةً لا مجرد تمثيل. بعيداً عن ذلك الزيف، دعونا نتأمل إن كانت أمريكا فعلا تتميز بما يسّهل على المبادرين تحقيق أحلامهم التي لم يمكنهم تحقيقها في أوطانهم.

يلاحظ على البلدان العربية كونها بيئات محافظة، وبطبيعة الحال يتم خلق نوعٍ من الرفض يضاف لطبيعة الناس الفطرية التي تجعلهم رافضين لكل جديد. فهذه البيئة قد تكون شرارة فكرة الهجرة إلى أرض الأحلام، حيث نسبة تقبل الأفكار الجديدة أعلى بكثير. إلا أن ترجيح نسبة نجاح المبادرين بعيداً عن وطنهم يعود لشيءٍ آخر؛ الكبرياء. يتحاشى المبادرون التخلي عن كبريائهم أمام أقرانهم وأندادهم في أوطانهم، بينما لا يكون الحال كذلك في حال السفر، ولربما هذا هو السر في نجاح المهاجرين وليس في البلد المُهاجَرِ إليها. فالمبادرون الذين سافروا إلى أمريكا، أو بريطانيا، أو ألمانيا، أو السويد، كل أولئك حققوا نجاحاتٍ على قدر طموحاتهم، ولم يكن لقوانين دول المهجر دورٌ رئيسٌ في نجاحاتهم، بل كان دورها ثانوياً جداً.


 إذن، فما يحتاجه المبادرون هو بيئةٌ تتقبل أفكارهم التي قد تكون جنونية أو غير مألوفة، وإلى رجال أعمالٍ يمكنهم رعاية هذه الافكار و الاستثمار فيها. يساعد أيضًا في تنمية شغف المبادرين بعملهم إيجاد نوادٍ متخصصةٍ تمد جسور التواصل بينهم حتى يمكنهم تبادل الأفكار وتطويرها.

الجميل أن شركة أرامكو السعودية قد فطِنَت إلى الحاجة الماسة لاحتواء المبادرين، فبدأت بعدة مبادرات تصب في وعاءٍ سد هذه الحاجة. أولاً، مبادرة إنشاء مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، الذي بدأ نشاطاته قبل اكتمال المعلم المعماري كمبنى ومقر رئيسٍ للمركز. من خلال برنامج "إثراء الشباب" يستهدف المركز تحسين طرق التدريس في المدارس، وزرع شغف الإبداع في نفوس الطلاب. و يحتضن المبادرين من خلال برامج نادي ركن الابتكار (Keystone) و وُرَشِهِ التدريبية لتحويل الأفكار إلى منتجات استثمارية. و بعد هذه الورشة القصيرة، يتم تقديم المبادرين إلى شركةِ "واعد" التي أنشأتها أرامكو السعودية لتتبنى أفكار الأعمال الجديدة وتُحولها إلى مشاريع ناجحة على أرض الواقع، و تشجع الأفراد على اكتشاف قُدراتهم وإمكاناتهم الحقيقية من خلال توفير التدريب اللازم على كيفية استخدام الأدوات والخبرات الذكية في مجال ريادة الأعمال. ليس هذا فحسب، فضمن خدمات شركة "واعد" تقديم استشارات من ذوي الخبرة، إلى رواد الأعمال بهدف تحسين فرص نجاحهم في المستقبل.


في ظل وجود المفكرين والمبدعين والمبتكرين في مجتمعنا، لا يبقى إلا الترحيب بهم و قبول التغيير الذي يجلبونه لازدهار الحضارة و التمدن. فلـنصنع أرض الأحلام خاصتنا،  ولنخلق هذه البيئة المناسبة للمبادرين، حتى يمكنهم إظهار شغفهم بالإبداع والابتكار والإنجاز، ولنساعدهم في تحويل أفكارهم إلى استثمارات تساهم في تطوير هذا الوطن.


أكمل القراءة