الاثنين، أكتوبر 01، 2012

محطات

::[ محطات ]::

:: وقت
أخرج إلى محطة القطار مبكراً ، عليّ اتفادى تلك الوصمة التي طـُبعت على جبين العرب؛ عدم احترامهم للمواعيد. رغم كل التحفظات للوصول قبل بدأ المحاضرة، إلا أن المفاجآت غير المتوقعة تجعل الرحلة بطيئة، تجبرني على البحث عن عقارب الساعة! يطول انتظاري للقطار الذي سيأخذني إلى قلب المدينة حيث تسكن مباني الجامعة المخصصة لدراساتي. قلقي انتقل من البحث عن الساعة إلى البحث عن طريقة أستغل بها مرور الوقت.

:: تقنية
حقيقة ُ كوني أعتمد على صفحات الأنترنت للقراءة الإبتدائية والتوسع في مواضيع المواد التي أدرسها، تلغي فكرة القراءة في كتاب مدرسي خلال هذا الوقت الثمين؛ أو لربما علي أن ابدأ بطباعة البحوث التي أجدها ضمن نتائج البحث الالكتروني للإستفادة منها في مثل هذا الموقف. عبثا تذهب محاولات، ودون صافرة ودون أي علامة عن قرب وصول القطار، يترائى لي قرب وصوله!
 
:: حرية
آخر محطة بعداً عن قلب المدينة، فلا يوجد إزدحام ركاب، وبأمكاني اختيار أفضل الكراسي والأماكن. أجلس وحيدا ً دون اهتمام بالخيارات، فبعد المحطة الخامسة سيمتلىء القطار ويصعب تنفس الهواء النقي الخالي من عَـرقٍ، أو عطرِ، أو مزيج ٍ منهما مع رائحة كريهة لشرابهم العفن. الحرية الممنوحة لهذا الشعب، والمساواة المزعومة، تسمح لأقذر عامل أن يجلس بجانب اكثر الموظفين أناقة. حرية تضايق وجودي في هذه القاطرة .
 
:: تنفس
في مثل هذه الرحلة بالتحديد أشعر بالغربة، فلا أتلحدث، رغم رغبتي للحديث مع من أراهم أهلا للحديث، لكنها طاقتي التي ستجعل ضربات قلبي أسرع، ويستهلك أكسجينا أكثر، فأضطر للتنفس أكثر والأختناق بروائحهم، تمنعني من أي شي سوى رد الابتسامات بمثلها. أخيراً ، وجدت حلا ً يشغلني عنهم! لعبة في جهاز الهاتف الجوال؛ لارّوح عن نفسي، وأحتفظ بنبض قلبي بطيئا، موفراً الأكسجين الذي أحتاجه لنهاية الرحلة.
 
:: غربة
عدى رؤية منظر البحيرة التي تذكرني بهواء شواطئ وطني والكورنيش الذي اعتدت زيارته عصراً عندما أتخلى عن جميع الارتباطات بحثاً عن راحة فكرية والأستماع لصوت الموج يحكي عن سفره عبر المحيط والخليج حتى يصلني، لم تعجبني البتة هذه الولاية التي انتقلت إليها. يهوّن عليّ هذه الغربة وجود مجموعة من المغتربين يشاطروني بعضا من هذه المشاعر.
 
:: عالمية
الأحاديث التي شاطرتها ’’محمد‘‘ من إيران، و ’’النوره‘‘ من كازاخستان، و ’’آلن‘‘ من بقايا روسيا المتحللة، والتي ودائما ما أنسى لفظ أسم مدينته الروسية، والتي يحقد كل الحقد عليها، خاصة بعد حادثة قتل 300 طالب في مدرسة قبل عدة سنوات، تأتي بلمحة ( سمع )، وتتكرر صدى ( في مجال النظر )، حديثهم كان مسليّاً اثناء رحلات القطار عودة من الجامعة.

:: تأخير
بعد طول (وقت) ها قد وصلنا، وقد مضى على الرحلة ما مضى، والساعة تشير إلى فوات عشر دقائق من وقت المحاضرة. أتجاوز الازدحام لأسابق خطواتي نحو صف الدراسة. اقفز عتبات الدرج والامس بعضها لاقفز من جديد علي اختصر بعض المسافة. نفسي يكاد ينقطع من لهثي وتعبي. اقترب من نهاي ممر يؤدي الى الصف، احاول لفظ انفاسي لادخل دون ان اسبب ازعاج، اقترب ببطء ونفس ابطأ، لاتفاجأ بان الصف خال ٍ من الجميع، ورسالة على السبورة: ’’يوم الذكرى – لا دراسة اليوم‘‘! 



أكمل القراءة