الخميس، مايو 19، 2016

التفكير السريع والتفكير البطيء

التفكير السريع والتفكير البطيء




ماذا يعني هذا العنوان؟ هل يوجد تفكير سريع وبطيء؟!

 جرب خلال 5 ثواني الإجابة على هذه العمليات الحسابية:

1)         1 × 1      = ....

2)         2 × 2      = ....

3)        17  × 24  = ....

على الأرجح، استطعت إيجاد الجواب للسؤال الأول والسؤال الثاني دون عناء التفكير، بينما السؤال الثالث جعلك تقرأه مرة آخرى، وربما توقفت عن حساب الجواب واكملت القراءة لتعرف ما الهدف من اجراء العمليات الحسابية. لا تقلق، ما لم تكن نابغة في الرياضيات، فانت مثل أغلب البشر الذين لن يجيبوا لحظيا على السؤال الآخير. نعم، يمكنك تقليل سرعة الإجابة، وأخذ الوقت الكافي لعمل الخطوات التي تعلمتها لحساب ناتج عملية ضرب عددين.

إذن، هناك تفكير سريع وتفكير بطيء، ويمكننا الاستفادة من هذه المعرفة في صنع قرارات أفضل.

في كتاب "التفكير السريع والتفكير البطيء" للكاتب "دانيال كانيمان"، يطلق على التفكير السريع مُسمَّى "النظام 1"، وهذا النظام هو الأول والسبّاق في تحديد ردة الفعل، والتجاوب مع التغيرات التي تطرأ على المحيط. ردة الفعل تكون لحظية، وسريعة جداً، لدرجة يصعب أن نقول قد سبقها أي تفكير!

أما التفكير البطيء فقد اعطاه اسم "النظام 2"، ويصفه "دانيال" بانه يستقبل المعطيات، ويتدبر فيها، ويحللها بتأني ويبذل جُهد يتناسب مع صعوبة الموقف، ليتمكن العقل من اجراء الحسابات وتحديد النتيجة أو ردة الفعل أو القرار الذي يجب اتخاذه. ولهذا، كون "النظام 2" مُتعب فهو لا يعمل تلقائيا، وإلا سنشعر بالأعياء والتعب طوال الوقت.

"النظام 1" يعمل بطريقة تلقائية، ولا يمكن إيقافه. لتوضيح ذلك، حاول النظر إلى الرموز التالية دون محاولة فهمها:

123  ،   أ ب ت   ،  شمس  ،  قمر

تلقائيا، فسّر عقلك هذه الرموز ولم تستطع أن تتجاهل معناها، وقرأ الكلمات دون إرادتك، حتى لو أردت مغالطة نفسك لن تستطيع! قارن ذلك بتجربتك مع العمليات الحسابية بالأعلى، ستجد أن "النظام 1" كان كسولا في السؤال #3 فلم يقم باجراء العملية، بينما مع هذه الرموز البسيطة لم تستهلك أي جهد وفي أقل من اجزاء من الثانية أنهى عمله.

هذه المقدمة مهمة لفهم طريقة عمل العقل، ثم اختيار النظام المناسب  في الوقت والمكان المناسب بناء على المزايا لكل نظام. وببساطة، هذه مقارنة مبدئية:

"النظام 1" يتميز بكونه سريع، تلقائي، عاطفي، تقريبي، غير إرادي.

"النظام 2" يتميز بكونه بطيء، مُجهد، تحليلي، حسابي، إرادي.


كيف يستطيع "النظام 1" اعطاء الاجابات لحظيا؟


بكل بساطة، عن طريق تحضير إجابات مسبقة، لذلك نجده مستعداً، ويعمل تلقائيا، وأغلب قرارتنا يتخذها "النظام 1" كونه الأسرع. أغلب هذه القرارات استنتاجية تعتمد على ما يتوفر من معلومات، وفيما يلي بعض الطرق المستخدمة لتحضير الاجابات.


تثبيت المعلومة:


أي أنه يربط فعل معين (سبب) بحدث معين (نتيجة). عند تكرار السبب، فأنه يستنتج لحظيا النتيجة المتوقعة. بعد أول مرة  نرى فيها سقوط كأس زجاجي على الأرض، يمكننا استنتاج ماذا سيحدث لو سقط كأس من زجاج مجدداً.


توفر المعلومة:


يستخدم "النظام 1" المعلومات في الموقف الحاصل أمامه ليستنتج القرار سريعا، بدلا من إيجاد معلومات آخرى في الذاكرة أو خلف الكواليس ربما تغير النتيجة. مثلا، إذا تأخر احدهم على موعد ما، فأن المعلومات المتوفرة قد تحفزه لزيادة سرعة قيادة السيارة، بينما لو حاول إيجاد حلول آخرى، سيجد امكانية إلغاء الموعد او تأخيره حتى يصل سالما دون مخاطرة.


سؤال بديل:


هذه الطريقة تستخدم إذا كان الموقف جديد، ولا يوجد له سجلات في الذاكرة. عند وجود سؤال صعب، يحاول "النظام 1" تبديل  السؤال بآخر مكافئ له، وسهل يمكنه الإجابة عليه. فمثلا، ما حاصل 17 × 24 ؟ سيحاول العقل تجزئة السؤال الى إيجاد ناتج عدة عمليات حسابية، مثلا  (15 × 20 ) + ( 15 × 4 ) وتقريب الإجابة إلى 360. بينما النتيجة الصحيحة هي 408، مما يعني وجود خطأ في الإجابة التي خمنها "النظام 1" نتيجة التبديل.


تفادي الخسارة:


بعض الدراسات اظهرت ان البشر يخافون من الخسارة، ودائما ما تكون قراراتهم بهدف تفادي الخسارة.


تأطير المعلومة:


سياق المعلومة يؤثر على متلقيها بشكل كبير. مثلا، عندما يعطيك رئيسك في العمل ملاحظة حول عملك، فإن الأرجح انك سوف تأخذها كانتقاد ينتقص من عملك، وقد تحزنك هذه الملاحظة. بينما لو اتتك الملاحظة من اعز اصدقائك، فإنك ستعتبرها من باب الحرص عليك وتفادي الخطأ وسيسعدك ان صديقك لفت انتباهك لهذه الملاحظة قبل الآخرين.

اختتم بذكر أن خلاصة الكتاب ممتعة، ويمكنها أن تفتح أفاق تفكير مختلفة عما تعودت عليه انت خلال سنواتك الماضية. سيمكنك معرفة إذا قراراتك صنعها بسرعة "النظام 1" او "النظام 2" ، وما الذي أثر عليك في صنع القرار، وإن كنت بحاجة لإعادة التفكير في قرارك.

 
Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق