الاثنين، أكتوبر 31، 2016

طفل ضائع بين الخيارات






ارتكتب خطأ غير مقصود، بل بحسن نية!


كان ابني عبدالعزيز بصحبتي وانا متوجه إلى إحدى البقالات لشراء بعض المقاضي اليومية للمنزل. بعد أن وضعت المشتريات في السلة، وقبل أن أتوجه للمحاسب، طلب ابني أن أسمح له بشراء ما يشاء، ومع قليل من التردد وافقت. أخذ يتجول بعينيه على الأرفف، واستغرق بعض الوقت يحاول أن يختار من بين كل تلك المعروضات من حلوى و أنواع الايسكريم وأكياس البطاطس بمختلف النكهات، واعتقد أن كلا منها – حسب مخيلته – تتهافت للحصول على انتباهه ليختارها.


بدأ الوقت يطول بدون اختيار، ومن طول الإنتظار بدأت أنزعج، فكما هو واضح بدأت حيرته تزداد وتصعّب عليه الاختيار. فما كان مني إلا أن أخبره يجب أن ننصرف حتى لانتأخر، وسألته إذا كان يقبل بالاختيار من ثلاثة (3) أصناف كانت أمامه مباشرة، وفورًا حتى قبل أن أطلب منه اختيار إحداها، في لمح البصر حدد ما يريد دون تردد. لقد كان في حيرة يحاول التركيز على أحد هذه البضائع ليختار، وعندما تدخلت بحصرها، تلقى مساعدة كبيرة. في حال أني لم اتدخل، هل كانت حيرة أبني سنتنهي؟


كانت الحيرة سيدة الموقف، بالتالي لا يمكن أن أصف تلك اللحظات لاختيار أحد الأصناف بأنها غير مهمة أو بأنها بسيطة، أو أنها لا تستدعي كل هذا التفكير. عدم القرار كان سببه الرغبة في الحصول على كل الاشياء المتاحة له، فالخيارات كلها مفتوحة، وهذا الخطأ مني لأني لم اتدرج معه على تقنين الخيارات. تصرفي الخاطئ نابع بحسن نية من اتباع أحد الأساليب التربوية لتنمي في الطفل الأعتماد على النفس والتفكير خارج الصندوق، و اعطاء الطفل الفرصة للتفكير  والتجربة، والقبول بالنتائج الخطأ التي يمكن أن يتعلم منها. كنت أظن إن اعطائه الفرصة للاختيار هنا تعد مشابهة لتلك الأوقات الآخرى التي اعطيه مهمة كنوع من التحدي واطلب منه ان يجد أفضل طريقة لأدائها وإنجاز المهمة. الان اكتشفت الاختلاف وأهمية  تدريب الطفل تدريجيا على اتخاذ القرار.


يمكن تدريب الطفل على اتخاذ القرار  خلال ثلاثة فترات مهمة: قبل، اثناء، وبعد. أولاً، قبل اتخاذ القرار. يمكننا تعليم الطفل كيف يقوم بتجميع كل المعلومات التي يحتاجها عن أي أمر قبل اتخاذ القرار. وتمرينه على ذلك من خلال اختيار الملابس المناسبة حسب حرارة الجو، لون الملابس واهتمامه بالأناقة، نوع العصير الذي يحب، والأهم، التعرف درجات الأهمية، وكيفية التعامل مع المواضيع حسب أهميتها، وأن عليه ألا يتعجل في اتخاذ أى قرار. ثانياً، المساعدة اثناء اتخاذ القرار، حيث يمكن من خلال تشجيع الطفل على طرح الاسئلة، حتى يستطيع الإلمام بكل المعلومات التي تساعده على معرفة نتائج قراره. وآخيرا وليس آخرا، بعد أن يتخذ الطفل قراره، يمكننا مساعدته من خلال التأكيد على مزايا قراراته الصائبة، وطريقة تفكيره التي ساعدته على اتخاذ القرار الصحيح، وايضا بتوفير بيئة تقلل من فزعه في حالة كان قراره خاطئ، بالتالي يستغل الموقف ليتعلم منه.




Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق